8%

على مساوئ عثمان ، فسيّره إلى الشام ، ولم يطق معاوية وجوده فأرجعه إلى المدينة ، واستمرّ أبو ذر بجهاده وإنكاره السياسة الأموية ، فضاق عثمان به ذرعاً فقرّر نفيه إلى الربذة ومنع الناس من توديعه.

ولكنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام خفّ لتوديعه ومعه الحسنان وعقيل وعبد الله بن جعفر ، فاعترضهم مروان بن الحكم ليردّهم ، فثار الإمام عليّعليه‌السلام فحمل على مروان ، وضرب أذني دابته وصاح به :تنحَّ نحّاك الله إلى النار (١) ، ووقف الإمام عليّعليه‌السلام مودّعاً أبا ذر فقال له :(يا أبا ذر ! إنّك غضبت لله فَارْجُ من غضبت له ، إنّ القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ! وما أغناك عمّا منعوك ! وستعلم مَن الرابح غداً والأكثر حسداً !) (٢) .

فلمّا رجع عليّعليه‌السلام من توديع أبي ذر ؛ استقبله الناس فقالوا له : إنّ عثمان عليك غضبان ، فقال عليّعليه‌السلام :(غضب الخيل على اللجم) .

الآثار السلبية لحكومة عثمان في الأُمة :

كانت حكومة عثمان استمراراً للخطّ السياسي الحاكم غير الواعي لمحتوى الرسالة سلوكاً ومعتقداً ، فتركت آثارها السيّئة على مسيرة الحكومة الإسلامية والأمة ككل ، وأضافت مثالب ومطاعن في وضوح الرسالة الإسلامية لدى الجماهير الإسلامية التي لم تعش مع القائد المعصوم ـ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ سوى عقد واحد رأته فيها حاكماً ومربيّاً ، واشتعلت نار الفتن في أطراف البلاد الإسلامية والتي جرّت على المسلمين الويلات والملمّات ، فإنّنا من خلال سبرنا أغوار التأريخ نستنتج ما يلي .

ــــــــــــ

(١) مروج الذهب : ٢ / ٣٥٠ .

(٢) شرح النهج : ٣ / ٥٤ ، وذكر ذلك أبو بكر أحمد بن عبد العزيز في كتابه السقيفة ، وأعيان الشيعة : ٣ / ٣٣٦ .