من هنا اجتمعت آراؤهم وأهواؤهم على إثارة الفتن للحيلولة دون استقرار الحكم الجديد ، ولم يكن تقلّب الوضع السياسي ووجود العناصر المعادية للاتّجاه الصحيح لمسيرة الحكومة الإسلامية غريباً على الإمام عليّعليهالسلام ؛ فقد أخبره النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم بتمرّد بعض الفئات على حكمه ، وعهد إليه بقتالهم كما أنّه قد سمّاهم له بالناكثين والقاسطين والمارقين(١) .
عائشة تعلن التمرّد :
كان موقف السيّدة عائشة من عثمان غريباً متناقضاً لا يليق بمقام امرأة تعدّ من نساء النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكانت تردّد قولها : (اقتلوا نعثلاً) ، وتحرّض الناس على التمرّد عليه وعلى قتله(٢) ، وقد خرجت من المدينة إلى مكّة أثناء محاصرة عثمان من قبل الثوار وهي تتوقّع النهاية السريعة لعثمان ، ومن ثمَّ فوز قريبها طلحة بالخلافة ، والاستيلاء على الحكم .
وحين فوجئت بأنّ الأمر قد استقرّ ـ بعد بيعة الناس إلى الإمام عليّعليهالسلام ، كرّت راجعة نحو مكّة بعد أن كانت قد عزمت على الرجوع إلى المدينة(٣) ، وأعلنت حزنها وتظلّمها على عثمان ، فقيل لها : أنتِ التي حرّضت على قتله
ــــــــــــ
(١) مستدرك الحاكم : ٣ / ١٣٩ ، وتأريخ بغداد : ٨ / ٣٤٠ ، ومجمع الزوائد : ٩ / ٢٣٥ ، وكنز العمال : ٦ / ٨٢ .
(٢) شرح ابن أبي الحديد : ٦ م ٢١٥ ، وكشف الغمة ك ٣ / ٣٢٣ .
(٣) الكامل في التأريخ : ٣ / ٢٠٦ .