8%

والتأسف على بيعتهما للإمام مردّدين : بايعنا مكرهين ، وما أن وصلت إلى أسماعهما صيحة السيدة عائشة محرّضة على الإمام ؛ حتى اجتهدا في إيجاد الحيلة للخروج إليها وروي أنّهما جاءا يطلبان من الإمام المشاركة في الحكم فلم يتوصّلا إلى شيء ، فقرّرا الالتحاق بعائشة ثمّ عادا ثانية إلى الإمامعليه‌السلام ليستأذناه للخروج للعمرة ، فقال لهما الإمامعليه‌السلام :نعم، والله ما العمرة تريدان وإنّما تريدان أن تمضيا لشأنكما (١) وروي أنّهعليه‌السلام قال لهما :بل تريدان الغدرة (٢) .

لقد أجمع رأي الخارجين على بيعة الإمامعليه‌السلام في بيت عائشة في مكّة بعد أن كانوا متنافرين متحاربين في عهد عثمان ، فضمّ الاجتماع الزبير وطلحة ومروان بن الحكم على أن يتّخذوا من دم عثمان شعاراً لتعبئة الناس لمحاربة الإمام عليّعليه‌السلام ، فرفعوا قميص عثمان كشعار للتمرّد والعصيان ، وأنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام هو المسؤول عن إراقة دم عثمان ، لأنه آوى قتلته ولم يقتصّ منهم ، وقرّروا أن يكون زحفهم نحو البصرة واحتلالها واتّخاذها مركزاً للتحرّك ومنطلقاً للحرب ، حيث أنّ معاوية يسيطر على الشام ، والمدينة لا زالت تعيش حالة الاضطراب(٣) .

حركة عائشة ومسيرها نحو البصرة :

مضت عائشة في خطّتها لإثارة الفتنة والدخول في المواجهة المسلّحة مع الإمام عليّعليه‌السلام الخليفة الشرعي ، فحشدت أعداداً من الناس يدفعهم الحقد والكراهية للإسلام وللإمام عليّعليه‌السلام ويحدوهم الطمع بالدنيا ونيل السلطان ، وجهّزهم يعلى بن منية بمستلزمات الحرب من السيوف والإبل التي سرقها من اليمن عندما عزله الإمام عنها ، وقدم عليهم عبد الله بن عامر بمال كثير من البصرة

ــــــــــــ

(١) الإمامة والسياسة لابن قتيبة : ٧٠ .

(٢) شرح النهج : ١ / ٢٣٢ .

(٣) تأريخ الطبري : ٣ / ٤٧١ ط مؤسسة الأعلمي .