8%

واقعة الحارث بن النعمان ونزول آية( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) :

لمّا شاع وانتشر قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( من كنت مولاه فعليّ مولاه ) فَبلغ الحارث ابن النعمان الفهري ، فأتى النبيّ على ناقته وكان بالأبطح ، فنزل وعقل ناقته وقال للنبيّ وهو في ملأ من الصحابة : يا محمّد ! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله فقبلنا منك ، ثمّ ذكر سائر أركان الإسلام وقال : ثمّ لم ترض بهذا حتّى مددت بضبعي ابن عمك وفضّلته علينا وقلت :( من كنت مولاه فعليّ مولاه ) فهذا منك أم من الله ؟

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( والله الذي لا إله إلاّ هو ، هو أمر الله ) فولّى الحارث يريد راحلته وهو يقول : اللّهمّ إن كان هذا هو الحقَّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامّته وخرج من دبره ، وأنزل الله تعالى :( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) (١) (٢)

محاولات الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتثبيت بيعة عليّعليه‌السلام :

لقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على علمٍ تامٍّ بما سيؤول إليه وضع المسلمين من بعده ، لأنّه كان يراقب العلل والأمراض التي ابتلي بها هذا المجتمع ن وكان على يقين بأن أوّل ضربة من بعده ستوجّه إلى الخطّ الرسالي الذي أرسى قواعده هو وعليّ ، وإلى الزعامة التي أشار إليها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أن تخلفه في الخطّ الصحيح للدعوة الإسلاميّة ، لانّ هذا يهدّد مصالح الكثير ممّن كانوا يريدون أن يستفيدوا من الإسلام ويتنعّموا بإشباع رغباتهم في ظلاله لا أن يقدّموا جهداً وفائدة للإسلام ، ويتزّعموا هذا الكيان الكبير الذي بناه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ــــــــــــ

(١) المعارج (٧٠) : ١ .

(٢) تفسير المنار : ٦ / ٤٦٤ ، وتذكرة الخواص : ص ٣١ مع اختلاف في اللفظ ، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ : ٤٢ ، أبو اسحاق الثعلبي في تفسيره والحاكم الحسكاني في كتابه دعاة الهداة ، والقرطبي في تفسيره ، والحمويني في فرائد السمطين ، والزرندي الحنفي في معارج الوصول ودرر السمطين ، والسمهودي في جواهر العقدين ، والعماري في تفسيره ، والشربيني القاهري الشافعي في تفسيره ، والمناوي الشافعي في فيض القدير ، والحلبي في السيرة الحلبية والحفني الشافعي في شرح الجامع الصغير ، والزرقاني المالكي في شرح المواهب اللدنية ، والشبلنجي الشافعي في نور الأبصار ، وغيرهم كما تجد تفصيل ذلك في الجزء الأول من موسوعة (الغدير) .