بذلك إلاّ إخلاق(١) ذِكره، فقال عدي: قلوبنا ليست بيدك يا معاوية:
فضحك معاوية ثمّ قال يا معشر طي! إنّكم مازلتم تشرفّون الحاجّ ولا تعظّمون الحرم، فقال عدي: إنّا كنا نفعل ذلك ونحن لا نعرف حلالاً ولا ننكر حراماً، فلمّا جاء الله عزّ وجل بالإسلام، غلبناك وأباك على الحلال والحرام، وكنّا للبيت أشدّ تعظيماً له(٢) .
ممّا تقدم يتّضح أنّ الإمام خلّف في نفوس الناس المحبّة له والشجاعة في مواجهة أعدائه.
لا ينكر أحد من الناس شجاعة الإمام ( عليه السلام ) وحبّه للقتال في سبيل الله، والحصول على وسام الشهادة وكرامتها، وهو القائل( والله لابن أبي طالبٍ آنس بالموت من الطّفل بثدي أمّه ) (٣) .
فما هذا الشوق الذي يدفع بعلي ( عليه السلام ) إلى أن يأنس بالموت؟ وأي تأثير عميق تتركه هذه الكلمات على النّاس عندما يرون قائدهم يتقدم ويهتف بهذا الشوق نحو الشهادة؟
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أثبت حقيقة صدقه بهذا الأنس والشوق إلى الشهادة، فعندما ضربه ابن ملجم المرادي، صدعت كلمات شوقه وانفجرت ينابيع
____________________
(١) إنهاء وإفساد.
(٢) نفس المصدر: ٣/١٣٤.
(٣) نهج البلاغة: الخطبة: ٥.