10%

٣. الأمّة الصّالحة

البناء الثقافي لم يكن كاملاً؛ لعدم وجود الأمّة الصّالحة في زمان أمير المؤمنين، إلاّ أنّه كان هناك أفراد معدودين صالحين وسط ذلك الكم الهائل من الأعداد التي لا تقبل النّصح والطّاعة، ولا ترتضي إلاّ أن تكون ضائعةً في التّيه المضاعف.

أولئك الأفراد الصّالحين هم بقايا صالحة زُحزحت عن تلك الأصناف الضائعة والضّالّة من أهل الكوفة.

قد مجّد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بأفعالهم وحالاتهم، وشاركوا بنصيب من وعظ الأمّة، وولجوا مصير الجهاد في سبيل الله،( وَبَقِيَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ، وَأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ، فَهُمْ بَيْنَ شَرِيدٍ نَادٍّ وَخَائِفٍ مَقْمُوعٍ، وَسَاكِتٍ مَكْعُومٍ وَ دَاعٍ مُخْلِصٍ، وَثَكْلانَ مُوجَعٍ، قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِيَّةُ، وَشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ، فَهُمْ فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ، أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ وَقُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ، قَدْ وَعَظُوا حَتَّى مَلُّوا، وَقُهِرُوا حَتَّى ذَلُّوا، وَقُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا ) (١) .

أما الثّقل الأكبر من أهل الكوفة، فقد آثروا العصيان والتمرد، وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ورث جيلاً لا يصلح لشيء ولا يصلحه شيء، إلاّ الطّريق الذي يُخرج الإمام عن طبعه وأخلاقه،( يا أهل الكوفة، أَتروني لا أعلم ما يصلحكم؟ بلى ولكنّي أكره أن أصلحكم بفساد نفسي ) (٢) .

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ٣٢.

(٢) أمالي المفيد: ٢٠٧، بحار الأنوار: ٤١/١١٠.