إنّ امرأتك ستكون لي زوجة، يعيبونه بذلك، فأنزل الله عزّ وجل:( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ - يعني بالإسلام -وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ - يعني بالعتق -أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) ثم إنّ زيد بن حارثة طلقها واعتدت منه، فزوجها الله عزّ وجل من نبيه محمد (ص) وأنزل بذلك قرآنا، فقال عزّ وجل:( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ) .
ثم علم الله عزّ وجل ان المنافقين سيعيبونه بتزويجها، فأنزل الله تعالى( ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له ) (1) .
وانتهت بذلك هذه المناظرة التي دللت على مدى ثروات الإمام العلمية، وإحاطته الشاملة بكتاب الله العظيم فقد نزه الإمام أنبياء الله العظام عن اقتراف المعصية وأثبت لهم العصمة بهذا المدعم بالأدلة والبراهين الحاسمة.
وأشاد المأمون بمواهب الإمام، وراح يقول:
شفيت صدري يا بن رسول الله، وأوضحت ما كان ملتبساً علي، فجزاك الله عن أنبيائه، وعن الإسلام خيراً. وانصرف المأمون عن المجلس، وأخذ بيد عم الإمام محمد بن جعفر فقال له: ( كيف رأيت ابن أخيك؟ ).
وانبرى محمد يبدي إعجابه البالغ بالإمام قائلاً: ( إنّه عالم، ولم نره يختلف إلى أحد من أهل العلم!! ).
وأوقفه المأمون على حقيقة الأمر قائلاً: ( إنّ ابن أخيك من أهل بيت النبي (ص) الذين قال لهم النبي: ( إلاّ أنّ أبرار عترتي، وأطائب أرومتي، أحلم الناس صغاراً، وأعلم الناس كباراً، فلا تعلموهم، فإنّهم أعلم منكم، لا يخرجونكم عن هدى، ولا يدخلونكم في باب ضلالة ).
ونقل علي بن الجهم ثناء المأمون وإطرائه على الإمام، وما قاله فيه محمد بن
____________________
(1) سورة الأحزاب / آية 38.