نشير هنا إلى أنّ ابن سعد قد كتب إلى سيّده ابن زياد في النخيلة(١) ، والتي انتقل إليها بعد وصول الحسين (عليه السّلام) أرض كربلاء؛ ليكون قريباً من مسرح العمليات إثر مقابلاته المتكرّرة مع الحسين (عليه السّلام)، كتب إليه خطاباً عاجلاً ربما كان لجسّ نبضه، وربما تخلّصاً من المهمّة القذرة التي أُنيطت بكاهله، يتضمّن ادّعاءات وأقوال منسوبة للحسين (عليه السّلام) لم يتفوّه أو يقول الأخير (عليه السّلام) بها جملة وتفصيلاً، ولا من قريب أو بعيد.
وممّا كتب له في خطابه هو: إنّ الحسين قد أعطاه العهد في أن يرجع إلى المكان الذي خرج منه، أو أن يسير إلى ثغر من ثغور المسلمين؛ ليكون رجلاً منهم، أو أن يأتي إلى يزيد ويضع يده في يده.
وقد ختم خطابه هذا بعبارة: وفي كلّ هذا الرضا لكم، والصلاح للأمّة.
____________________
(١) النخيلة: وقد سمّيت بهذا الاسم لكثرة نخيلها، وهي موضع قرب الكوفة، ومعروف في الوقت الحاضر باسم (جسر العباسيات) التابع لناحية الكفل بمحافظة بابل، وكانت النخيلة حينذاك قاعدة عسكرية متقدّمة لتجهيز وانطلاق الجيوش، وقد كان الإمام علي (عليه السّلام) يعسكر فيها عندما كان يتهيّأ للخروج إلى الحرب.
كما واتّخذها ابن زياد معسكراً له، ولبث فيها حتّى جاءه مَنْ يخبره بشهادة الحسين (عليه السّلام) على أرض كربلاء؛ حيث تركها وعاد مسرعاً إلى الكوفة لاتّخاذ الاحتياطات الاحترازية في حفظ الأمن واستتبابه قبل أن يفلت الزمام من يده حين يشيع خبر استشهاد الحسين وآله وأصحابه (عليهم السّلام) بين أبناء الكوفة.