27%

ما قبل ساعة الصفر

لم تمض إلاّ ساعات معدودة على أرض الطفوف، والتي ضمّت فريقين؛ أحدهما باع نفسه وحياته رخيصة لله تعالى من أجل إعلاء كلمته ونشر رسالته، وآخر باع نفسه للشيطان من أجل القضاء على هذه الكلمة، وإخماد وسحق هذه الرسالة « وفي سبيل اُكذوبة صغيرة اسمها يزيد، وجريمة منكرة اسمها ابن زياد »(١) .

ثمّ لم تمضِ إلاّ ساعات قليلة وإذا بفجر عاشوراء لعام (٦١هـ) يطلّ على ربوع كربلاء، ومن ثمّ أشرقت الشمس، وأرسلت كلّ أشعتها وحرارتها إلى هذه الأرض لتزيد من سخونتها وحرارتها التي وصلت إليها.

هذه الأرض التي ستنتقل بعد فترة جدّاً قصيرة من أرض جرداء قاحلة لا يعرفها أحد ولم يسمع عنها إنسان، تنتقل إلى كعبة ثانية، ومنار للحرية والتضحية، لا فقط لأهل المنطقة أو قطر العراق بل لكلّ العالم من المحيط إلى المحيط، ومن القلب إلى القلب.

وكذلك لا لجيل واحد وهو الذي عاصر أحداث هذه الأرض وشهد وقائعها عن كثب، أو سمع أنباءها عن بعد، وإنّما لكل الأجيال والسلالات والعصور وفي هذه القارة عن العالم، أو في القارات الأربع الاُخرى.

هذه الأرض التي خطّ الحسين (عليه السّلام) رمالها وشعابها صفحة لامعة من تاريخ

____________________

(١) أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمّد خالد.