9%

الملحمة الكبرى

بعد أن أنهى الحسين (عليه السّلام) من إلقاء خطبته الثانية على القوم، تقدّم ابن سعد بصفته القائد العام لقوات الغدر والعدوان، تقدّم إلى أمام معسكر الحسين (عليه السّلام) وأطبق عليه من الأمام؛ تمهيداً لإشعال فتيل الحرب المدمّرة ضدّ الحسين وأعوانه؛ حيث تناول من مولاه دريد سهماً ووضعه في كبد قوسه، ورمى به على معسكر الحسين (عليه السّلام) وهو ينادي برفيع صوته؛ ليسمع أفراد جيشه قائلاً: اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل مَنْ رمى الحسين، أو ضرب بسهم.

وبذلك فقد ابتدأت الملحمة الكبرى في أرض كربلاء، والتي خطّط لها ابن سعد وسيّده ابن زياد وطاغيتهم في الشام يزيد؛ لتكون حرب إبادة واستئصال لآل الله ورسوله، ولمَنْ أعانهم ونصرهم وذاد عنهم ولو بشربة من ماء(١) .

وبعد أن رمى ابن سعد بسهمه انهالت السهام على معسكر الحسين كأنّها رشق المطر الغزير، وهنا قال الحسين (عليه السّلام) لأصحابه وأهل بيته: (( قوموا - يرحمكم الله - يا كرام إلى الموت الذي لا بدّ منه، ولا مفرّ لكم عنه؛ فإنّ هذه السهام هي رسل القوم إليكم )).

____________________

(١) نشير إلى أنّه بعد أن أعلن الحرّ الرياحي توبته وندمه على فعله إزاء الحسين (عليه السّلام)، وحيث كفّر عن ذلك بانضمامه إلى صفوف الحسين (عليه السّلام) قبل بدء الحرب، وخشية أن يتبعه الآخرون من المقاتلين بالالتحاق بصفوف الحسين (عليه السّلام)؛ لذا فقد أسرع ابن سعد في التقدّم إلى أمام معسكر الحسين وأشعل هناك نيران الحرب المدّمرة.