عندما هاجر الرسول (صلّى الله عليه وآله) من مكة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة عام (١٣) من البعثة النبويّة الشريفة، ترك الإمام علي (عليه السّلام) في فراشه؛ للتمويه على المحاولة الآثمة التي حاكها القرشيون في الظلمات لاغتياله، والإجهاز عليه في عقر داره(١) ، فضلاً عن تكليفه لعلي (عليه السّلام) لردّ ما تجمّع عند الرسول (صلّى الله عليه وآله) من ودائع وأمانات تخص أفراد الناس من قريش وسواها.
حيث أعادها الإمام علي (عليه السّلام) كاملة إلى أهلها، ولحق رفقه كلّ مَنْ تبقى من أهل البيت (عليهم السّلام) بما فيهم الفواطم في مكة بالنبي (صلّى الله عليه وآله) في المدينة، ولم يتعرّض أحد للإمام بسوء؛ سواء في مكة أو في الطريق إلى المدينة؛ لأنّه كان محسوباً من الشجعان، وكان الناس عادة - ولا زالوا - تبتعد وتتحاشى التحرّش أو الاصطدام مع مثل هؤلاء.
وهكذا فقد حفظ الله تعالى محمّداً (صلّى الله عليه وآله) بعلي (عليه السّلام)، وحفظ علياً (عليه السّلام) لمحمد (صلّى الله عليه وآله)؛ ينصره ويؤيّده ويذود عنه في الشدّة والرخاء.
وفي المدينة المنوّرة عاش الإمام علي (عليه السّلام) مع أخيه وابن عمّه الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) حياة كفاح ونضال؛ من أجل نشر أفكار ومبادئ الدين الجديد، وصدّ كلّ
____________________
(١) إذا كان الإمام علي (عليه السّلام) قد انتدب لينام في فراش الرسول (صلّى الله عليه وآله) ليلة الهجرة فقبل ذلك بصدر رحب مع احتمال أن يُقتل أو لا يُقتل دون الرسول (صلّى الله عليه وآله)، فالعباس (عليه السّلام) قد قدّر له أن يذود عن حياض ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في يوم عاشوراء مع يقينه بأنّه سيُقتل دون الحسين (عليه السّلام)، وهكذا الابن هو على سرّ أبيه.