9%

المدينة بعد هلاك معاوية

عندما هلك معاوية بن أبي سفيان في دمشق بتاريخ ١٥ رجب من عام (٦٠هـ) قام بالأمر من بعده ولده يزيد، وكان معاوية - والذي كان ينظر إلى الدولة الإسلاميّة كأنّها ملك خاصّ له ولأولاده من بعده - كان قد قرّر من قبل بتدبير منه، أو بإيحاء من بعض مستشاريه أو بها معاً(١) أن لا يخرج السلطان والحكم من بيته بنصب نجله يزيد ولياً للعهد.

وهو - معاوية - وإنّ كان يعرف مباذل ابنه يزيد إلاّ أنّه كان يتغافل عنها حيث كان يردّد دوماً: لولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي.

وبنصب معاوية لابنه يزيد ولياً للعهد يكون بذلك قد تجاهل الكثير من الصحابة(٢) والتابعين(٣) المنتشرين في الأقطار الإسلاميّة، والذين كانوا أهلاً لتسلّم المنصب الذي آثر أن يشغله يزيد بعد هلاكه وغيابه عن الحياة الدنيا.

وكانت عملية نصب يزيد ولياً للعهد عام (٥٦هـ) هي من محدثات عهد معاوية

____________________

(١) ينقل هنا عن الحسن البصري (ت١١٠) قوله: أفسد أمر هذه الأمّة اثنان؛ عمر بن العاص في التحكيم، والمغيرة بن شعبة في البيعة ليزيد. نهضة الحسين - هبة الدين الشهرستاني.

(٢) الصحابة: هم الذين صاحبوا الرسول (صلّى الله عليه وآله) وأسلموا على يده، وأخذوا عنه العلم، وتعلّموا منه، ونقلوا حديثه، وأطاعوه وعملوا في خدمة العقيدة الإسلاميّة ونشرها.

(٣) التابعون: هم مَنْ لقى الصحابة وإن لم يصحبوهم. وأضاف البعض: أنّه لا بدّ من أن يكونوا قد صحبوهم، ويلقوا منهم شيئاً، وإنّ آخر عصر التابعين هو في حدود عام (١٥٠هـ).