كان خروج الحسين (عليه السّلام) مع أخيه العبّاس (عليه السّلام)، وبقية إخوته وأبنائه (بما فيهم إخوة العبّاس الثلاثة) وأهل بيته، وبعض خاصّة أصحابه من المدينة في يوم (٢٨) رجب من عام (٦٠هـ)، وكان (عليه السّلام) يردّد عند خروجه من مدينة جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) قوله تعالى:( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَبُ قَالَ رَبّ نَجّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ ) (١) .
وفي هذا المعنى نظم الشاعر السيد حيدر الحلّي يقول:
خرجَ الحسينُ من المدينةِ خائفاً كخروجِ موسى خائفاً يتكتمُ
وقد انجلى عن مكّةَ وهو ابنها وبهِ تشرّفتِ الحطيمُ وزمزمُ
خرج الحسين (عليه السّلام) والعباس من المدينة في جوف الليل لا يلويان على شيء، وهما لا يطلبان بخروجهما الكرسي والسلطان، بل فراراً من الظلم والطغيان بعد أن آن أوان المحنة، وبدت علائم الامتحان والابتلاء.
لقد سار موكب الحسين والعباس في طريقهم إلى مكة على الطريق العام (الأعظم) الذي يسير عليه عادة كلّ رائح وغاد، فقيل للحسين: لو تنكّبت الطريق الأعظم إلى إحدى الطرق الفرعية التي توصل إلى مكة المكرّمة حتّى لا يدركك الطلب؛ اُسوة بما فعل عبد الله بن الزبير قبل ليلة حين فرّ من المدينة إلى مكة، ولم يدركه رسل الوليد في الطريق.
فأجاب الحسين (عليه السّلام) بقوّة وعزم: (( لا والله، لا اُفارقه أو أنظر إلى أبيات مكة، [أو] يقضي الله ما هو قاضٍ )).
____________________
(١) سورة القصص / ٢١.