أخرج ابن عساكر، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الصحابي: أنّه دخل على معاوية، فقال له معاوية: ألست مَن قتلة عثمان؟ قال: لا، ولكنّي ممّن حضره فلمْ ينصره. قال: وما منعك من نصره؟ قال: لمْ تنصره المهاجرون والأنصار. فقال معاوية: أما لقد كان حقّه واجباً عليهم أنْ ينصروه. قال: فما منعك يا أميرالمؤمنين من نصره ومعك أهل الشام؟ فقال معاوية: أمَا طلبي بدمه نصرة له. فضحك أبو الطفيل ثمّ قال: أنت وعثمان كما قال الشاعر:
لا ألفينك بعد الموت تندبني | وفي حياتي ما زودتني زاداً(١) |
* * *
قضية خطيرة: الخروج على عليّعليهالسلام بغي أمْ حرابة؟
هبْ أنّ كلّ الأدلّة السابقة لا تثبت زعمنا، أنّ معاوية وصحبه إنّما سعوا للحرب طلباً للدنيا فقاتلوا عليها حتّى أدركوا الملك فأقاموا دولة بني اُميّة، ولمْ يكن ذلك بحال خلافة عن صاحب الشرع لإقامة الدين.
وهبْ أنّ أسانيد هذه الأدلّة تحتمل الطعن، وأنّ متونها تقبل التأويل، بما لا يُؤدّي بالضرورة إلى النتيجة التي وصلنا إليها.
ولكنّا نسوق الآن دليلاً نعتبره سيّد الأدلة، فليس فيه فُسحة لممار لمزيد، وأمّا المصنف فلن يخالجه أدنى شكّ في صحة ما ذهبنا إليه.
فقد تنبّأ رسول اللهصلىاللهعليهوآله لعمّار بن ياسر: أنْ ستقتله الفئة الباغية. وقد حدث في حرب صفّين - كما رأينا - أنّ عمّاراً كان في فئة عليّ بن أبي طالبعليهالسلام ، ثمّ قتله أتباع
____________________
(١) السيوطي، تاريخ الخلفاء، المرجع السابق : ٢٠٠.