مسألة غريبة
فلقد أقام معاوية دعوته كلّها على أساس أنّه وليّ دم عثمان، وقد قال الله تعالى:
( وَمَن قُتِلَ مُظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِف فِي الْقَتْلِ إِنّهُ كَانَ مَنصُوراً ) (١) .
والشيء الغريب حقّاً أنّ تُورد كتب التاريخ هذا الأمر وكأنّه مقرّر(٢) دون أدنى مناقشة له. فمَن الذي عيّن معاوية خاصّة وليّاً لدم عثمان دون بنيه وورثته وأبناء عمومته الأقربين، كما ترى في شجرة نسبه؟
وإذا رجعنا للفقهاء(٣) ، لوجدنا إجماع الأئمّة على أنّ أولياء الدم هُم الورثة الشرعيّون للقتيل، ولمْ يكن معاوية وارثاً لعثمان، فقد كان له أبناء ذكور بالغون عند مقتله.
ثمّ إنّه يشترط في القصاص إجماع المستحقّين من الورثة، فإن اختلفوا في القصاص، فطلب بعضهم القصاص وعفا البعض الآخر عن الجاني، فإنّه يسقط القصاص، وتجب الدية في مال القاتل وتُقسّم على الورثة.
____________________
(١) سورة الإسراء : ٣٣.
(٢) الطبري، المرجع السابق ٤ : ٦٨.
(٣) عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة ٥ : ٢٦٦ - بيروت - دار الفكر : ١٣٩٢ هـ.