4%

عرفت لمـّا كان حرص عمرو على مصر، وعندما مات ترك سبعين بهاراً دنانير - والبهار: جلد ثور، ومبلغه أردبان بالمصري -(١) .

هذا في الوقت الذي لمْ يبنِ عليّعليه‌السلام آجرةً على آجرةٍ، ولا لبنةً على لبنةٍ، ولا قصبةً على قصبةٍ، كما يقول سفيان، وأنّه عندما تُوفّي لمْ يترك - كما قال الحسنعليه‌السلام - بيضاء ولا صفراء إلاّ ثمانمئة أو سبعمئة أرصدها لجارية(٢) .

قضيّة أبي ذر:

وقضيّة أبي ذر بسيطة وبيّنة بساطة وبيان الإسلام ذاته، وهي كما يُعبّر عنها بكلمات قليلة كان يقولها للناس:

يا معشر الأغنياء وأسوا الفقراء، بشّر الذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاوٍ من نار، تُكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم.

وقال لعثمان: لا ترضوا من الأغنياء حتّى يبذلوا المعروف ويُحسنوا إلى الجيران والإخوان، ويصلوا القرابات(٣) .

فلمْ يكن أبو ذر إذاً يرى أنّ أداء الزكاة هي كلّ حقّ المال، وإنّما ما زاد على قوته وقوت مَن يعولهم وكفاية حاجاتهم، فالجماعة أولى بالاستفادة منه على نحو يكفل الحياة الكريمة للجميع، فإنْ لم يفعل يكن كانزاً للمال بما يستحقّ معه عقوبة الكنز المقرّرة بالقرآن:( يَاأَيّهَا الذينَ آمَنُوا إِنّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الناس بِالْبَاطِلِ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالذينَ يَكْنِزُونَ

____________________

(١) المرجع السابق : ٣٠١.

(٢) ابن الأثير، مرجع سابق ٣ : ١٠.

(٣) المرجع السابق : ١١.