النظام الاُموي والعصبيّة القبليّة
معلوم أنّ الإسلام جاء مساوياً بين الناس وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا، ونظر إليهم على أنّهم سواسية كأسنان المشط، ولمْ يضع إلاّ معياراً وحيداً لتمايزهم، وهو التقوى. فلمْ يعرف فضلاً لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أحمر.
والإسلام أرسى قاعدة وحيدة أصيلة للانتماء بين الناس، تسبق ما عداها من صلات وانتماءات ثانويّة. فليست القاعدة هي المواطنة ولا القوميّة ولا المصلحة المشتركة، ولا الأصل العرقي ولا حتّى قرابة الدم، وإنّما هي العقيدة. فإذا ما وُجد رباط العقيدة في الأساس، أضحى لبعض الروابط الاُخرى دلالاتها الخاصّة النابعة من رباط العقيدة ذاته. وهذا بالطبع لا ينفي بل يؤكّد وجوب شمول العلاقات الإنسانيّة عامّةً بقواعد: العدل وحسن المعاملة وسماحة المعايشة. فتلك أيضاً منطوقات قواعد العقيدة، ولكنّا نتحدّث تحديداً عن الانتماء.
وقد بيّن لنا القرآن حقيقة هذه القاعدة في كثير من آياته، فيقول الله تعالى:( إِنّ الذينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالذينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) (١) .
____________________
(١) سورة الأنفال : ٧٢.