4%

التفرقة بين العرب وأهل البلاد المفتوحة وظهور الشعوبيّة

كان موقف الإسلام حاسماً في هذه القضيّة، يلخّصه قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله :« لا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى » . إلاّ أنّ السيرة الفعليّة تجاه أهل البلاد المفتوحة كان يشوبها الكثير ممّا يناقض المعيار الإسلامي الخالص. وأوّل ما يُلاحظ في تلك السيرة إطلاق وصف: الموالي(١) عليهم أجمعين، وشيوع وصف الهجين على أبناء الأعجميّات من آباء عرب، بما تحمله تلك الأوصاف من غمزات التحقير والازدراء.

ثمّ تعدّى الأمر مجرد إطلاق الأوصاف المزريّة، إلى السلوك العملي الذي يتّسم بالتمييز العنصري الشديد البالغ أوجه في عهد بني اُميّة. يذكر ابن عبد ربّه(٢) : دعا معاوية الأحنف بن قيس وسمرة بن جندب، فقال: إنّي رأيت هذه الحمراء - يعني: الروم والفرس - قد كثرت، وأراها قد قطعت عليّ السلف، وكأنّي أنظر إلى وثبة منهم على العرب والسلطان، فقد رأيت أنْ أقتل شطراً وأدع شطراً لإقامة السوق وعمارة الطريق، فما ترون؟

____________________

(١) شاع استعمال الموالي، بمعنى: المعتقين من الرقّ. ونقل أحمد أمين عن الزيعلي قوله: وسَمّي العجم موالي؛ لأنّ بلادهم فُتحت عنوة بأيدي العرب. فجر الإسلام : ٨٩.

(٢) العقد الفريد، مرجع سابق ٣ : ١٣٠.