الخروج من المدينة إلى مكّة
ما أنْ هلك معاوية عام ٦٠ هـ حتّى ورث الملك ابنه يزيد؛ تحقيقاً لولاية العهد التي عقدها معاوية، وأخذ البيعة له أثناء ملكه.
وما أنْ استقرّ يزيد على دست الملك، حتّى أقلقه هؤلاء الذين امتنعوا عن متابعة أبيه في أخذ البيعة له. يذكر الطبري(١) : ولمْ يكن ليزيد همّة حين ولي إلاّ بيعة النفر الذين أبوا على معاوية الإجابة، إلى بيعة يزيد حين دعا الناس إلى بيعته، وأنّه ولي عهده بعده والفراغ من أمرهم، فكتب إلى الوليد(٢) :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
من يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة.
أمّا بعد، فإنّ معاوية كان عبداً من عباد الله، أكرمه الله واستخلفه وخوّله ومكّن له، فعاش بقدر ومات بأجل فرحمه الله، فقد عاش محموداً ومات برّاً تقيّاً، والسّلام.
وكتب إليه في صحيفة كأنّها أذن فأرة: أمّا بعد، فخذ حُسيناًعليهالسلام وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتّى يبايعوا، والسّلام.
فاستشار الوليد مروان بن الحكم، فأشار عليه بقوله(٣) : فإنّي أرى أنْ تبعث
____________________
(١) الطبري، مرجع سابق ٥ : ٣٣٨.
(٢) هو: الوليد بن عتبة بن أبي سفيان عامله على المدينة، وكان أمير البصرة في ذلك الوقت عبيد الله بن زياد، وعلى الكوفة النعمان بن بشير، وعلى مكّة عمرو بن سعيد بن العاص.
(٣) المرجع السابق : ٣٣٩.