وانتهى أمر الكوفة بأسر مُسلم بعد أنْ أمّنه عبد الرحمن بن محمّد الأشعث، فأمر عبيد الله بضرب عنق مُسلم وإلقاء جثّته من أعلى القصر، وقتل هانئ بن عروة وصلبه.
لمّا كان يوم التروية لعام ٦٠ هـ، طاف الحُسينعليهالسلام بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، ثمّ قصّ شعره وحلّ من عمرته، وتوجّه تلقاء الكوفة ومَن معه من الناس، بينما توجّه الحجيج إلى منى.
وكان الحُسينعليهالسلام قد التقى أثناء خروجه الأخير بكثيرين ألحّوا عليه إلحاحاً ألاّ يخرج، وقد تعددت أسباب هؤلاء المشيرين بعدم الخروج؛ فمنهم ناصح مشفق من غدر أهل العراق، ومنهم حذّر من سطوة بني اُميّة، ومنهم مَن خبر غلبة الدرهم والدينار على المبدأ لدى الكثيرين من أهل العصر، ومنهم مَن تاقت نفسه للتخلّص من الحُسينعليهالسلام ليخلو له الجوّ فيدعو لنفسه ولكن ينصح مداراة، ومنهم مَن زعم أنّ خروجه شقاق ونزع ليده من الطاعة وخروج عن الجماعة.
وكان من هؤلاء: عبد الله بن عبّاس وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر على اختلاف أسبابهم.
وتراوحت إجابة الحُسينعليهالسلام لهؤلاء بين بيان حجّته والاكتفاء بالشكر على النصح، وبيان أنّها رؤية رآها ولا يستطيع الإفصاح عنها، وإعلام البراءة من عمل بني اُميّة وأنّ لهم عملهم وله عمله.
ومضى الحُسينعليهالسلام في طريقه حتّى لقيه مَن أخبره بمتقل رسوله مُسلم بن عقيل بالكوفة ومعه هانئ بن عروة، وأنّهما جرّا من أرجلهما بالأسواق سحلاً،