شرعيّة الخروج على الحاكم الظالم
ربما كانت هذه المسألة منطوية على كثير من التعقيد، بحيث أشكلت على المسلمين - ولا تزال - منذ عرفوا نظام الدولة؛ وربما كان السبب الرئيس في تعقيدها، وجود نصوص تحتمل اختلاف الفهم بذاتها فضلاً عن تعارضها مع نصوص اُخرى، في الوقت الذي يصعب فيه للغاية لأسباب عديدة وجود ضابط يقيني للفرز.
ونحن نحاول هنا استفراغ الجهد لفضّ الاشتباك الواقع، والذي نحسبه قد تمّ عمداً وبإصرار من جانب السلطة المهيمنة، بكامل قوّتها من أجهزة فقهيّة وإعلاميّة وقهريّة لتثبيت أركانها، وسدّ جميع الطرق في وجه أيّ ناقد لها، ومن هنا أصبحت عمليّة التغيير الاجتماعي ضرباً من المستحيل، أنّها أصبحت مرادفة للحرام. وهكذا فإنّ المسلمين لمْ يؤتوا من شيء بمثل ما أوتوا من نظامهم السياسي.
والمشكل الذي نحن بصدده الآن يتحدّد على خليفة النظام الإسلامي - في صورته النقيّة كما تعرف من النصوص، لا كما صوّرتها أو خلّفتها في الذهنيّة العامّة، الممارساتُ السلطويّة الفعليّة - في التساؤل عن قابليّة النظام للنقد والتصحيح والمراجعة الذاتيّة، وآليات تحقيق ذلك، فإن تعطّلت تلك الآليّات، فكيف يُمكن تقييم النظام؟ ثمّ كيفيّة التعامل مع نتائج هذا التقييم؟