4%

البِناء القِيمي ودلالاته

حاولنا فيما سبق استكشاف مدى فاعليّة أظهر العوامل حسماً في تحديد بنية المجتمع العربي قبل الإسلام، ورغم عدم تطرقّنا إلى كافة العوامل تفصيلاً، إلاّ أنّ الجانب المتفحَّص منها - نظّنه - كافياً للإحاطة بالمتنحّى، أو توقّع ماهيته بدرجة كبيرة من الصحّة.

ولمّا كان نسق القيم السّائد في مجتمع بعينه، يُعدّ مستودع جماع تفاعل الأفراد والجماعات تفاعلاً بيئيّاً واجتماعيّاً، فإنّ دراسة هذا النّسق تجعلنا نعتقد أنّ بالإمكان توقّع الكشف عن محدّدات هذا المجتمع وغاياته، وهذا هو همّنا في المقام الأوّل.

وقد أثبتت الدراسات الاجتماعيّة - النفسيّة الحديثة(١) - أثر طبيعة البِناء الاجتماعي في السلوكيّات الاجتماعيّة. كما أنّ هذه السلوكيّات - كما يرى نيوكوم(٢) (Newcomb) - تخضع لنظام متكامل يتمثّل في نسق القيم.

ولعلّ خير دليل على هذه العلاقة ومدى انطباقها على مجتمعا محلّ الدراسة - المجتمع العربي قبل الإسلام - شهادة شاهد من أهله:

____________________

(١) وليم و. لامبرت، دولاس أ. لامبرت، ترجمة د. سلوى الملاّ، علم النّفس الاجتماعي : ٢٠٢، القاهرة، دار الشروق : ١٩٨٩ م.

(٢) د. محيي الدين حسين، القيم الخاصّة لدى المبدعين : ٢١، القاهرة، دار المعراف : ١٩٨١ م.