9%

أخطر أفعال الشيخين: اللاّيقين المعرفي - الذرائعية

مرّت على البشر حقب طويلة قبل أنْ يُدرك نفر منهم - من خلال البحث الجادّ والمجتهد ألاَ يُحمّل بمعقّبات مؤثرات داخليّة أو خارجيّة - مدى غرور الإنسان في وهمه إمكانه إدراك اليقين بوسائله الخاصّة.

فمنذ فجر الفلسفة اليونانيّة وحتّى عهد قريب اختلف البشر في درجة يقين مصادر المعرفة، وقد ردّوها إلى ثلاثة: الحسّ، والعقل، والحدس، بتنويعاتها وتداخلاتها المختلفة، إلاّ أنّ العصر الحديث كان أكثر العصور جرأة في ادّعائه امتلاك الحقيقة، لمّا وصل إليه العلم الطبيعي ( الفيزيوكيميائي ) من تنظيم وتقنين، ظنّ معه أنّه عصر الحقيقة النهائيّة التي اعتبروا نيوتن رائدها، حتّى قال أحد العلماء الكبار وهو لابلاس: إنّ نيوتن لمْ يترك شيئاً لأحد غيره ليأتي به.

تمخّض هذا الاعتقاد عن نسق معرفي كاد أنصاره ينصبونه مقدّساً جديداً لا يجوز نقده، وإلاّ رُمي ناقده بالتخلف، لمّا عدّوه عنوان العلم، أو هو العلم وحده وما عداه جهل بدائي. هذا النسق المعرفي يتلخّص في عناصر أساسيّة هي: الاستقراء، العلّية، اطراد الطبيعة، الضرورة بما يعني كلّ ذلك من تصوّر لكون آلي ( ميكانيكي ) حتمي.

ولكن جاءت كشوف العلم المعاصر لتهدّ ذلك النسق من أساسه، عن طريق مفاهيم النسبيّة، والكوانتم (  Quantum )، والطبيعة الموجيّة للمادّة بما أظهر