13%

وقد بلغ بجولد تسيهر بحثه مبلغاً استبعد معه أنْ تصدر - ولو قوله حقّ - واحدة من أمويّ، وذلك في معرض تعليقه على نصيحة عمر بن عبد العزيز لأحد عمّاله كي يحسنَ سياسة مصره، بقوله: (حصّنها بالعدل، ونقِّ طرقها من الظلم)؛ فيعلّق جولد تسيهر بقوله(١) : (إنّ عمر وحده الذي يُمكن أنْ تصدر عنه هذه الكلمة لأنّها كلمة لا يُمكن أنْ تصدر عن أمويّ).

قوّة الحزب وخُطّته

كان من الممكن أنّ يكون عُنوان هذا الفصل: عضويّة الحزب أو أعلام الحزب أو قيادات الحزب؛ لنتعرّف من خلالهم على طبيعة تكوينه وأثره والفعاليّات المؤثّرة فيه. وقد يبدو ذلك منطقيّاً خاصّةً وقد نعتنا الحزب من قبل بأنّه أمويّ، وبالتالي يكون طبيعيّاً أنْ يتعمّده أشخاص، وأنْ يكون هؤلاء الأشخاص أمويّين، ولكن لمّا كان تحليل المواقف والأحداث التاريخيّة، قد قادنا إلى نتيجة هامّة مؤادّها اعتماد الحزب للنفعيّة له مذهباً كان الأكثر اتّساقاً. والمنطق أنْ نبحث عن كلّ المؤازرين للحزب والمنتمين له، وإنْ لمْ يكونوا أمويّين نسباً؛ فإنّما كان الأمويّون عصب هذا الحزب وعموده الفقري، ولكنّهم لمْ يكونوا الحزب كاملاً. وأوضح مثل لذلك عقيل بن أبي طالب، وقد مرّ بنا كيف مرق من معيّة أخيه عليّعليه‌السلام إلى معاوية، فكيف يُصنّف إذاً عقيل؟

إنّنا نستطيع أنْ نقول: إنّه لمّا غلبت القوّة الاُمويّة نسباً على مقدرات الحزب صار الحزب يتسمّى باسمها، ومن جهة اُخرى فإنّنا نستطيع - أيضاً - أنْ نقول باطمئنان: إنّ الأمويّة بهذا الكيف أضحت عَلماً على مذهب، لمَا جمعت النفعيّة بين الأمويّين نسباً وغيرهم ممّن شاركوهم مذهبهم.

____________________

(١) المرجع السابق : ٤٩.