4%

السيطرة على النظام

عندما تأكّد نجاح النظام الجديد في بسط سلطانه وتيقّن استقراره، ودخلته الناس أفواجاً ودانت له العرب أقواماً، هنالك نظر الحزب إلى نفسه وتلفّت حوله، فهاله ما رأى.

رأى نفسه ذا سجل حافل بالعداء والكيد للنظام، وليس لهم من فضل واحد يُذكر لهم، فعلموا أنّ السبق قد فاتهم، وأنّ ما فاتهم كثير، ثمّ تلفّتوا حولهم فإذا بغيرهم قد تضخمت سجلاتهم إسهاماً في تأسيس النظام والذود عنه بعد أن بذلوا دماءهم، وأخرجوا من ديارهم وأموالهم، فقدّمتهم سابقاتهم، وأصبح مستضعفو الأمس هُم الأئمة اليوم والوارثين.

والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أعلن بما لا لبس فيه(١) :

« يا معشر قريش، إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهليّة، وتعظمها بالآباء، النّاس من آدم، وآدم خُلق من تراب ». ثمّ أعلن الميزان الجديد:( إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ ) (٢) .

فقد سدّت إذن جميع السبل، وبقي واحد فقط ليرتادوه، الانصياع للنظام الجديد وإحناء الرأس؛ عسى أنْ يُصيبوا بمسالمته ما لمْ يُدركوا بعدائه.

____________________

(١) الطبري، المرجع السابق ٣ : ٦١.

(٢) سورة الحجرات : ١٣.