سيرة الحزب من قريب حتّى عهد معاوية
رغم أنّ الحزب قد تمكّن من الغلب على الكثير من مواقع السلطة منذ البداية، إلاّ أنّ ممارساته الواضحة المتوائمة مع طبيعة أغراضه ومنهجه لمْ تفصح عن نفسها جليّاً إلاّ في عهد عثمان. ونقول بجلاء الإفصاح نظراً؛ لأنّه كانت هناك شواهد وبوادر تنبئ بها فيما سبق عهد عثمان، وقد كانت قمينة بلفت الأنظار إليها.
فكان أدعى بأصحاب النظر استجلاؤها قبل جلائها، إلاّ أنّا نترك تفاصيل هذا الأمر لموضعه من البحث.
ولندع أحد المعاصرين للأحداث يروي لنا كيف كانت بداية تمكّن الحزب الفعالية، وشيوع سياساته، وظهور أعلامه، كتب الأشتر إلى عثمان - فيما نقله البلاذري في أنساب الأشراف - يقول:
(من مالك بن الحارث إلى الخليفة المُبتلى الخاطئ، الحائد عن سنّة نبيّهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، النابذ لحكم القرآن وراء ظهره.
أمّا بعد، فقد قرأنا كتابك، فَانْه نفسك وعمّالك عن الظلم والعدوان وتسيير الصالحين، نسمح لك بطاعتنا.
وزعمت أنّا قد ظللنا أنفسنا، وذلك ظنّك الذي أرداك فأراك الجور عدلاً