الحقّ وحُجيّة الرجال
تدعونا المشابهات السابقة - من وجهة نظر المعارضة كما أوردناها - بين الممارسات الأولى للحزب، وكيف تغلغلت عناصره داخل النظام الإسلامي ابتداءً من عهد الخلافة الأوّل إلى أنْ انتهى به المطاف إلى الاستيلاء الكامل عليه إلى محاولة الفحص الدقيق لطبيعة هذا النظام حتّى نتمكّن من توصيفه توصيفاً موضوعيّاً، وتحديد سمات نموذجه، خاصّة وقد استعرضنا من قبل سمات النموذجين: الجاهلي والإسلامي، بما يمكّن في النهاية من رصد موقعه النسبي من كلا النموذجين.
على أنّ الأمر المؤكّد أنّ دراسة هذا النظام تختلف كلّ الاختلاف عن دراسة سابقَيه، نظراً للخلاف التاريخي العريض في كلّ جزئيّاته، بل إنّ كلّ جزئية فيه يُعدّ مشكلاً قائماً بذاته، يتطلّب مكابدة خاصّة لتحقيقه.
وما رأيك في خلاف بدأ فأحدث أوّل قتال في التاريخ بين مسلمين ومسلمين، ثمّ ما لبث أنّ انتظم عامّة المسلمين، ثمّ ظلّ يستهلكهم القرون تلو القرون، ولمّا يضع بعد أوزاره؟
ثمّ ما رأيك في خلاف مشبّه يُحار فيه الحكيم، ويتململ منه الراسخ حتّى لتتدافع فيه الأسئلة المشكلة دون الظفر بجواب حاسم؟
إنّك إن تابعت أحداث تلك الفترة، لهالك ما تحويه من مواقف متناقضة، ومشاعر متغيّرة، وأفعال مبرّرة وغير مبرّرة، وردود أفعال متوقعة وغير متوقعة، حتى ليلتبس عليك أمرك، ويختلط عليك فكرك.