5%

أيّامه المباركة قد استدعى حكم الجهاد في سبيل اللّه تعالى، حيث تمّت شروطه، واقتضى الحال نهوضاً لا تقيّة معه، فلا بدَّ أن تُقدَّم الدماء والأنفس دون الدين.

2 - الهدفيّة

فالشجاعة ما لم تحمل هدفاً مقدّساً وغايةً نبيلة فإنّها تهوّرٌ وإلقاءٌ بالنفس إلى التهلكة، في حين إذا جاءت عن نيّة مخلصة للّه تعالى، وشخّصت الهدف الإلهيّ، آتتْ ثوابها، وختمت لصاحبها بالشرف الرفيع، وقبول العمل، أو بكلتيهما مع التوفيق للشهادة في سبيل اللّه (عزّ وجلّ).

والنيّة - كما يقول الفقهاء وعلماء الأخلاق - شرطٌ في العبادات كلّها؛ فلا يصحُّ شيءٌ من الأفعال بدون النيّة. قال النبيُّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله :«إنّما الأعمال بالنيّات» (1) . فإذا ما نوى المرءُ الرياءَ فقد حبط عمله، وصارتْ طاعته معصية.

ومنْ يشكّ في نيّة الإمام الحسينعليه‌السلام وهو يعلم أنه قادمٌ على معركة يُقتل فيها ليحيا الإسلام، وأرض يغدر فيها به لتفيق الاُمّة؟! وقد صرّح بذلك مرّات ومرات، من ذلك أنه (سلام الله عليه) كتب إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة كتاباً هذا نصُّه:«بسم اللّه الرحمن الرحيم، من الحسين بن عليّ إلى محمّد بن عليّ ومن قبله من بني هاشم. أمّا بعد، فإنَّ مَن لَحِق بي استُشهد، ومن تخلّف لم يدرك الفتح. والسّلام» (2) .

وخطبعليه‌السلام في مكة قبل سفره إلى كربلاء، فقال:«كأنّي بأوصالي

____________________

(1) حديث مشهور بين المسلمين على سبيل المثال، يراجع كنز العمّال - الخبر 7272، وبحار الأنوار 70 / 211 ح 35، عن غوالي اللآلي، وصحيح البخاريّ - كتاب الإيمان / 23.

(2) كامل الزيارات - لابن قولويه / 75.