5%

الخصّيصة الخامسة

إنَّ الصبور - مهما صبر - قد لا يُوفَّق أن يقضي عمره وهو راسخ القدمين على ساحة الصبر، فلا بدّ أن يعتريه الوهن والضعف، والضجر والملل، والتأفّف والتضجّر في موقفٍ ما، أو في حالةٍ عصيبةٍ لا تتحمّلها نفسه.

أمّا أن يبدأ بالصبر، ويواصل حياته على ما فيها من نكبات في صبر، ويختمها في أشدّ المحن بصبر، فذلك عُرف به الحسين (صلوات الله عليه). وقد كشف الصبرَ الحسينيَّ تلك المصائبُ المهولة، وساحة كربلاء قد ذُهلت من صبر سيّد الشهداء وشجاعته. يقول الإمام الصادقعليه‌السلام :«ثلاثةٌ لا تُعرف إلاّ في ثلاثة مواطن؛ لا يُعرف الحليم إلاّ عند الغضب، ولا الشجاع إلاّ عند الحرب، ولا أخٌ إلاّ عند الحاجة» (1) .

فقد ينجح المرء في دخول الأمر الصعب ولكنّه لا يقوى على المواصلة في التحمّل، وقد يواصل لكنّه لا يستطيع الثبات؛ فتراه يهتزّ ويسقط. وقد يثبت حيناً لكنّه لا يختم حياته بذلك، والخاتمة هي المعوّل عليه. قال النبيُّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله :«خير الاُمور خيرها عاقبة (2) . ملاك العمل خواتيمه (3) .الاُمور بتمامها، والأعمال بخواتمها» (4) .

ولكي نتعرّف على صور مهيبةٍ من صور الصبر الحسينيّ تعالوا نقف عند هذه الواقعة: يقول المؤرّخون بعد ذكر شهادة الأصحاب وأهل بيت

____________________

(1) بحار الأنوار 78 / 229، عن تحف العقول / 233.

(2) أمالي الصدوق / 292.

(3) الاختصاص / 342.

(4) بحار الأنوار 77 / 165، عن غوالي اللآلي 1 / 289.