الـمَدينَ يشعرُ بالذلِّ، ويشعر بالقلق غالباً.
قال النبيّصلىاللهعليهوآله :«لا تزال نفسُ المؤمن معلَّقةً ما كان عليه دَين» (1) .
وقال الإمام عليٌّعليهالسلام :«إيَّاكُمْ والدَّين؛ فإنَّه هَمٌّ بالليل، وذُلٌّ بالنهار» (2) . هذا في الدَّين، أمَّا في المعيشة فيقول نبيُّ الرحمةصلىاللهعليهوآله :«إنَّ النفسَ إذا أحرزتْ قُوتَها استقرَّتْ» (3) .
وقد جادَ الإمامُ الحسينعليهالسلام على هذا الرجل السائل بالرحمة حين رفع عنه دَينَه، وأمَّنَ له قُوتَه للمستقبل، وكلُّ هذا كان مع الموعظة.
ذلك الكرمُ المعنويّ، فسلامُ الله عليك يا أبا عبد الله، يابن رسول الله، أيُّها الغصنُ الأشمُّ العاطر من الشجرةِ النبويّة والدوحة الهاشميّة.
ولا يخفى على اللبيب أنَّ السائل إذا كان ذا عزَّةٍ وكرامة لا يهون عليه أن يبذلَ ماءَ وجهه إلاّ إذا اضطُرَّ لذلك، ووجدَ ذا دينٍ أو مروءةٍ أو حسب، فينهض إليه يعرض حاجته، فتتعثّرُ قدماه بأذيال الحياء، وتتردّد خطاه فيقوم بدافع الفاقة والضائقة، ويُحجم اُخرى بدافع العزّة والإباء، ثمَّ لا يجدُ بُدَّاً من أن يُعرِبَ عن حاجته وهو يُحسُّ أنّه باعَ ماء وجهه ولا يدري ماذا سيشتري به؟
أيحصَلْ على ما يفكّ به ظنكَه، أم يرجعُ خائباً محروماً وقد ذهب ماءُ وجهه في
____________________
(1) علل الشرائع - للشيخ الصدوق / 528 - الحديث الخامس.
(2) من لا يحضره الفقيه - للشيخ الصدوق 3 / 111 - الحديث 467.
(3) الكافي 5 / 89 - الحديث الثاني.