لا شكّ أنّ القرآن الكريم أصبح معروفاً ومتداولاً بشكلٍ واسع ومدوّناً بشكل مضبوط بعد عهد الخليفة عثمان، حيث تمّت كتابة مجموعة من نُسخ المصحف الشريف، وأُرسل إلى الآفاق الإسلامية بشكلٍ رسميٍّ من أجل العمل بها وتداولها، حيث أُصدرت الأوامر الواضحة والمشدّدة بالمنع من تداول أي نُسخة أُخرى غير هذه النُسخ.
ولا بُدّ لنا من أجل إيضاح سلامة النص القرآني من التحريف أن نذكر الحالات التي يمكن أن نفترض وقوع التحريف فيها، مع مناقشة كلِّ واحدةٍ منها:
1 - أن يقع التحريف في عهد الشيخين بصورة عفويّة دون قصد حذف شيءٍ من القرآن، وذلك بسبب الغفلة عن بعض الآيات، أو عدم وصولها إلى أيديهم، كما تفرضه قصّة جمع القرآن الكريم التي رواها البخاري.
2 - أن يقع التحريف في عهد الشيخين مع فرض الإصرار منهما عليه بشكل مسبق ومدروس.
3 - أن يقع التحريف في عهد الخليفة عثمان.
4 - أن يقع التحريف في عهد الأمويّين، كما نُسب ذلك إلى الحجّاج بن يوسف الثقفي.
وهناك حالة خامسة لا مجال أن نتصوّر وقوع التحريف فيها، وهي أن نفرض وقوعه من قِبَل بعض أفراد الرعيّة من الناس؛ لأنّ هؤلاء لا قدرة لهم على مثل هذا العمل مع وجود السلطة الدينيّة التي تعرف القرآن الكريم وتحميه من التلاعب، والتي هي المرجع الرسمي لتعيين آياته وكلماته لدى الناس.
أمّا الحالة الأُولى:
فيمكن أن تُناقش من ناحيتين:
أ - النتيجة السابقة التي توصّلنا إليها في دراستنا لتاريخ جمع القرآن وهي: أنّ