وهناك بعض الشُبهات الأُخرى (1) تُثار حول فرضيّة الجمع في عهد الشيخين أيضاً، نذكر منهما الشُبهتين التاليتين.
ولعلّ من الجدير بالذكر أنّ هاتين الشبهتين قد أُثيرتا في الأبحاث الإسلامية كما أُثيرتا في أبحاث المستشرقين ومقلِّديهم من الباحثين.
إنّ بعض النصوص التاريخية المرويّة عن أهل البيت (عليه السلام) وغيرهم تذكر وجود مصحف خاصٍّ لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) يختلف عن المصحف الموجود المتداوَل بين المسلمين في الوقت الحاضر، ويشتمل هذا المصحف على زيادات وموضوعات ليست موجودة في المصحف المعروف.
وتتحدّث هذه النصوص عن مجيء علي بن أبي طالب (عليه السلام) بهذا المصحف إلى الخليفة الأوّل أبي بكر، بقصد أن يأخذ المصحف المذكور مكانه من التنفيذ بين المسلمين، ولكنّ أبا بكر لم يقبل ذلك ورفض هذا المصحف.
ولمّا كان عليُّ بن أبي طالب أفضل الصحابة علماً وديناً والتزاماً بالإسلام، وحفاظاً عليه، فمن الواضح حينئذٍ أن يكون المصحف الموجود فعلاً قد دخل عليه التحريف والنقصان، نتيجةً للطريقة الخاطئة التي أُتبعت في جمعه والتي عرفنا بعض تفاصيلها.
ومن أجل إيضاح هذه الشبهة يورد أنصارها بعض هذه النصوص التاريخية، وهي:
1 - النص الذي جاء في احتجاج علي (عليه السلام) على جماعةٍ من المهاجرين والأنصار:
فقال له علي (عليه السلام) : (يا طلحة إنّ كلَّ آيةٍ أنزلها الله - جلّ وعلا - على محمّد
________________________
(1) اعتمدنا بصورة رئيسة في هذا البحث عل ما كتبه أُستاذنا الكبير آية الله السيّد الخوئي (قُدِّس سرّه) في البيان:
222 - 234.