وليست كلمتا التأويل والتنزيل تعنيان في ذلك الوقت ما يُراد منهما في اصطلاح علماء القرآن، حيث يُقصد من التأويل حمل اللّفظ القرآني على غير ظاهره والتنزيل خصوص النص القرآني، وإنّما يُراد منهما المعنى اللُّغوي الذي هو في الكلمة الأُولى ما يؤول إليه الشيء ومصداقه الخارجي، وفي الثانية ما أنزله الله وحياً على نبيّه سواء كان قرآناً أو شيئاً آخر.
وعلى أساس هذا التفسير العام للموقف تتضح كثير من الجوانب الأُخرى حيث يمكن أن تحمل الروايات التي أشارت لها الشُبهة على معنىً ينسجم مع هذا الموقف أيضاً، كما فعل العلاّمة الطباطبائي ذلك في بعض هذه الروايات (1) .
وإضافةً إلى ذلك نجد بعض هذه الروايات ضعيفة السند، لا يصحُّ الاحتجاج أو الاعتماد عليها في مقابل ثبوت النص القرآني.
إنّ مجموعةً كبيرة من الروايات الواردة عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) دلّت على وقوع التحريف في القرآن الكريم، الأمر الذي يجعلنا نعتقد أنّ ذلك كان نتيجةً للطريقة التي تمّ بها جمع القرآن الكريم، أو لأسباب طارئة أُخرى أدّت إلى هذا التحريف.
وتُناقش هذه الشبهة: بأنّ الموقف تجاه هذه الروايات المتعدّدة يتّخذ أُسلوبين رئيسين:
الأوّل:
مناقشة أسانيد وطُرُق هذه الروايات؛ فإن الكثير منها قد تمّ أخذه من كتاب أحمد بن محمّد الباري، الذي تمّ الاتفاق بين علماء الرجال على فساد مذهبه وانحرافه (2) ، وكتاب علي بن أحمد الكوفي الذي رماه علماء الرجال بالكذب (3) .
________________________
(1) المصدر نفسه.
(2) و (3) جامع الرواة 1: 67 و 553.