إعجاز القرآن *
النبي - أيّ نبيٍّ - صاحب رسالة، يريد أن ينفذ بها إلى قلوب الناس وعقولهم؛ ليصنع الإنسان الأفضل الذي يريده الله على وجه الأرض.
ولا يمكنه أن يحقّق هذا الهدف ما لم يكسب إيمان الناس بنبوّته، واعتقادهم بصدق دعواه في ارتباطه بالله والأرض، لكي يتاح له أن يستلم زمام قيادتهم ويغذِّيهم برسالته ومفاهيمها ومبادئها.
والناس لا يؤمنون بدون دليل، إذا كانت الدعوى التي يدعوهم إليها ذات حجمٍ كبير، وتقترن بالمشكلات والمصاعب وترتبط بعالم الغيب، فلا يمكن للنبي أن يدعوهم إلى الإيمان به وبرسالته، ويكلّفهم بذلك ما لم يقدِّم لهم الدليل الذي يُبرهن على صدق دعواه، وكونه رسولاً حقاً من قِبَل الله - تعالى - فكما لا نصدِّق في حياتنا الاعتيادية شخصاً يدّعي تمثيل جهةٍ رسميّة ذات أهميةٍ كبيرة مثلاً، ما لم يدعم دعواه بالدليل على صدقه، ونرفض مطالبته لنا بتصديقه من دون برهان، كذلك لا يمكن للإنسان أن يؤمن برسالة النبي ونبوّته إلاّ على أساس الدليل.
والدليل الذي يبرهن على صدق النبيِّ في دعواه هو المعجزة، وهي:
أن يحدث تغييراً في الكون - صغيراً أو كبيراً - يتحدّى به القوانين الطبيعية التي ثبتت عن طريق الحسِّ والتجربة، فمن وضع الماء على النار ليكون حارّاً فارتفعت درجة
________________________
(*) كتبه الشهيد الصدر (قُدِّس سرّه).