لقد أُثيرت حول إعجاز القرآن الكريم - من قِبَل المستشرقين والمبشِّرين - شُبهاتٌ كثيرة؛ نظراً لأهميّة هذا البحث وعظمة الأهداف التي يحقِّقها، وقد عرفنا في بحث إعجاز القرآن الأدلّة التي يمكن أن نستنتج منها أنّ القرآن الكريم ليس صنعةً بشريّة، وإنّما هو وحيٌ إلهي، ولم تكن الأدلّة السابقة تعتمد في الوصول إلى هذه النتيجة على ملاحظة الأُسلوب البلاغي للقرآن الكريم، ولكنّ الأُسلوب البلاغي للقرآن الكريم كان وما زال أحد الأُسس المهمّة التي اعتمدها الباحثون لإثبات إعجاز القرآن، وسوف نرى في أكثر الشبهات الآتية أنّ نقد القرآن الكريم فيها يعتمد على ملاحظة الأُسلوب البلاغي له فحسب، لغرض إسقاط هذا الدليل الذي يعتمد عليه أحياناً في إثبات إعجاز القرآن، كما سوف نرى بطلان هذه الشُبهات أيضاً.
ويمكن تقسيم الشبهات الآتية إلى قسمين رئيسين:
الأوّل:
الشبهات التي تحاول أن تُبرز جانب النقص والخطأ في الأُسلوب والمحتوى القرآني.
والثاني:
الشبهات التي تحاول أن تُثبت أنّ القرآن الكريم ليس معجزةً لقدرة البشر على الإتيان بمثله.
القسم الأوّل من الشبهات حول إعجاز القرآن:
الشبهة الأُولى:
إنّ الإعجاز القرآني يرتكز بصورةٍ رئيسةٍ على الفصاحة والبلاغة القرآنية، ونحن نعرف أنّ العرب قد وضعوا قواعد وأُسساً للفصاحة والبلاغة والنطق، تُعتبر هي المقياس الرئيس في تمييز الكلام البليغ من غيره، وبالرّغم من ذلك نجد في القرآن الكريم بعض الآيات التي لا تنسجم مع هذه القواعد بل تخالفها، الأمر الذي يدعونا إلى القول بأنّ القرآن الكريم ليس معجِزاً؛ لأنّه لم يسر على نهج القواعد العربية وأُصولها.
وتسردُ الشُبهةُ بعضَ الأمثلة لذلك.