3%

المعلومات، التي حصل عليها من اليهود والنصارى، وممّا هداه إليه عقله وتفكيره في التمييز بين ما يصحّ منها وما لا يصح، ولكنّها كانت تتجلّى وكأنّها وحي السماء، وخطاب الخالق عزّ وجلّ، يأتيه بها الناموس الأكبر، الذي كان ينزل على موسى بن عمران وعيسى بن مريم، وغيرهما من النبيّين (عليهم السلام).

مناقشة الشبهة:

وإذا أردنا أن ندرس هذه النظرية (نظرية الوحي النفسي)، لا نجدها تصمد أمام النقد والمناقشة العلميّتين، إذ يمكن أن يُلاحظ عليها من خلال أبعاد ثلاثة:

الأوّل:

إنّ الدلائل التأريخية القطعية وطبيعة الظروف التي مرّ بها النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) تأبى التصديق بهذه النظرية وقبولها.

الثاني:

إنّ المحتوى الداخلي للقرآن الكريم - بما يضم من تشريع وأخلاق وعقائد وتأريخ - لا يتّفق مع هذه النظرية في تفسير الوحي القرآني.

الثالث:

إنّ موقف النبيّ (صلّى الله عليه وآله) من الظاهرة القرآنية، يشهد بوضوحٍ على رفض تفسير الظاهرة القرآنية بنظريّة الوحي النفسي.

أ - الدلائل التأريخية تناقض نظريّة الوحي النفسي:

لقد ذكر السيّد رشيد رضا - بصدد مناقشته للمقدّمات التأريخية وغيرها التي رتّبها (درمنغام) لعرض نظريّة الوحي النفسي - عشر ملاحظات، وسوف نقتصر على تلخيص بعضها:

الأُولى:

إنّ أكثر المقدّمات التي بنى عليها أصحاب النظريّة بنيانهم ونظريّتهم، لا تقوم على أساس تأريخي صحيح، وإنّما تنطلق من نقطة مفروضة على البحث بشكل مسبق، وهي: أنّ الوحي القرآني ليس وحياً إلهيّاً منفصلاً عن الذات المحمّدية، الأمر الذي كان يدعو أصحاب النظرية إلى اختلاق الحوادث