وبملاحظة هذين النصّين نجد:
1 - أنّ شابهه وأشبهه بمعنى: ماثله، وكذا تشابه واشتبه، ولكنّهما يدلاّن على وجود الوصف في الطرفين، فهو من قبيل المفاعلة.
2 - أنّ الشبه يأتي بمعنى: المثل، فهو معنىً وجودي ذو طابعٍ موضوعي واقعي، ولكنّه قد يُطلق - في نفس الوقت - على ما يستلزمه أحياناً من (الالتباس) الذي هو من المعاني ذات الطابع الذاتي القائم في عالَم النفس؛ بل قد تُطلق المادّة ويُراد منها خصوص نوع من المماثلة المؤدِّية إلى الالتباس، كما قد يرمي إلى ذلك صاحب القاموس في قوله الآنف:
(وتشابها واشتبها أشبه كلٌّ منهما الآخر حتّى التبسا).
وهذا النوع من الاستعمال نجده في كلِّ مادّةٍ تُطلق على معنىً يقبل الشدّة والضعف، حيث قد يكون أحد مصاديق المعنى مستلزماً وجود شيء آخر.
لقد جاء في التنزيل وصف جميع القرآن الكريم بأنّه كتابٌ مُحكَم:
( الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ... ) (1) .
وقال بعضهم في قوله تعالى:
( الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ) (2)
إنّ (حكيم) هنا بمعنى مُحكَم (3) .
كما جاء في التنزيل أيضاً وصف جميع القرآن بأنّه كتابٌ مُتشابِه:
( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ... ) (4) .
وفي مقابل هذا الاستعمال الشامل لهذين الوصفين يوجد استعمالٌ آخر لهما في
________________________
(1) هود: 1.
(2) يونس: 1.
(3) لسان العرب: مادة (حكم) 13: 53 ط، دار صادر - بيروت.
(4) الزمر: 23.