أن يحقّق غايةً موضوعيّةً وهي معرفة ما أراه الله سبحانه من هاتين الكلمتين (1) .
وقد تعدّدت الاتجاهات والآراء في معنى المُحْكَم والمُتشابِه المُراد من هذه الآية، نظراً لاستمرار البحث فيها منذ العصور الأُولى للتفسير، ولأهمّيتها من ناحيةٍ مذهبيّة، حتّى إنّ بعض الباحثين ذكر ستّة عشر رأياً في حقيقة المُحْكَم والمتشابِه.
سوف نكتفي في بحثنا هذا بدراسة الاتجاهات الرئيسة المهمّة منها.
وتفرض علينا طبيعة البحث: أنْ نذكر الرأي الصواب في تحديد معنى هاتين الكلمتين؛ ليتّضح - في ضوئه - مدى صحّة بقيّة الاتجاهات وانسجامها مع المدلول اللُّغوي والمحتوى الفكري للآية الكريمة.
وبهذا الصدد يجدر بنا أن نستذكر تقسيماً تعرّضنا له في بحوثنا السابقة، وهو أنّ التفسير تارةً: يكون للّفظ، وذلك بتحديد مفهومه اللُّغوي العام الذي وُضع له اللّفظ؛
وأُخرى: يكون للمعنى، وذلك بتجسيد ذلك المعنى في صور معيّنة ومصداق خاص.
وعلى أساس هذا التقسيم نتصوّر التشابه المقصود في الآية الكريمة ضمن نطاق التشابه في تجسيد صورة المعنى وتحديد مصداقه الواقعي الموضوعي، لا في نطاق التشابه في العلاقة بين اللفظ ومفهومه اللُّغوي (المعنى)، وسواء في هذا النفي التشابه الذي يكون بسبب الشك في أصل وجود العلاقة بين اللّفظ والمفهوم اللّغوي (المعنى)، كما إذا تردّد اللّفظ في استعماله بين معنيين أو أكثر قد وُضع اللّفظ لهما، أو التشابه الذي يكون بسبب الشك في طبيعة هذه العلاقة، كما إذا عرفنا بوجود العلاقة بين اللّفظ وأكثر من معنى، ولكن تردّد اللّفظ بينهما للتردّد في
________________________
(1) قارن بهذا ما ذكره الزرقاني في مناهل العرفان 2: 166.