3%

عن التوحيد) (1) .

وبعد هذا كلّه، لا نجد مجالاً للتشكيك في فكرة البداء، إذا أخذناها في حدود فكرة النّسْخ مطبقةً على التكوين، ولا يكون اتّهام الإماميّة بالانحراف لأنّهم قالوا بهذه الفكرة، إلاّ شبيهاً بالاتهام الذي وجّهه اليهود والنصارى إلى عامّة المسلمين؛ لأخذهم بفكرة النّسْخ.

النّسْخ في الشريعة الإسلامية:

وأمّا النّسْخ في الشريعة الإسلامية فهو أمرٌ ثابتٌ لا يكاد يشكّ فيه أحدٌ من علماء المسلمين، سواء في ذلك ما كان نَسْخاً لأحكام الشرائع السابقة، أو ما كان نسْخاً لبعض أحكام الشريعة الإسلامية نفسها، ومن هذه النّسخ ما صرّح به القرآن الكريم، حيث نَسَخ حكم التوجّه في الصلاة إلى القِبلة الأُولى وأمر بالتوجّه شطْر المسجد الحرام، ولكن مع ذلك نجد النّسْخ مثاراً للخلاف في علوم القرآن؛ حيث وقع الجدال في أنّ شيئاً من الأحكام الثابتة في القرآن الكريم منسوخ بالقرآن الكريم نفسه أو بالسنّة النبويّة المتواترة.

وهذا الخلاف جاء على صياغتين:

الأُولى:

الخلاف الذي أثاره أبو مسلم الأصفهاني المتوفى سنة (322 هـ) حيث ذهب - على أحسن الاحتمالات في كلامه - إلى عدم جواز وقوع النّسْخ في القرآن الكريم، مستدلاًّ على ذلك بقوله تعالى في وصف القرآن:

( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (2) .

فهذه الآية تقول:

إنّ القرآن لا يعتريه البطلان، ولمّا كان النّسْخ إبطالاً لما في

________________________

(1) كتاب الغيبة: 430، مؤسسة المعارف الإسلامية.

(2) فصلت: 42.