2 - الاتجاه العام لدى من تأخّر عنهم من المفسِّرين الذي يميل إلى القول بأنّ التفسير يخالف التأويل في بعض الحدود:
إمّا في طبيعة المجال المفسَّر والمؤوَّل، أو في نوع الحكم الذي يصدره المفسِّر والمؤوِّل، أو في طبيعة الدليل الذي يعتمد عليه التفسير والتأول؛ فهنا مذاهب نذكر منها ثلاثة:
أ - التمييز بين التفسير والتأويل في طبيعة المجال المفسَّر، ويقوم هذا المذهب على أساس القول بأنّ التفسير يخالف التأويل بالعموم والخصوص؛ فالتأويل يصدق بالنسبة إلى كلِّ كلامٍ له معنىً ظاهر، فيُحمل على غير ذلك المعنى فيكون هذا الحمل تأويلاً، والتفسير أعمّ منه؛ لأنّه بيان مدلول اللّفظ مطلقاً أعم من أن يكون هذا المدلول على خلاف المعنى الظاهر أو لا.
ب - التمييز بين التفسير والتأويل في نوع الحكم، ويقوم هذا المذهب على أساس القول بأنّ التفسير والتأويل متباينان؛ لأنّ التفسير هو: القطع بأنّ مراد الله كذا؛ والتأول: ترجيح أحد المحتملات بدون قطع، وهذا يعني أنّ المفسّر أحكامه قطعية، والمؤوّل أحكامه ترجيحية.
ج - التمييز بينهما في طبيعة الدليل: ويقوم هذا المذهب على أساس القول بأنّ التفسير هو:
بيان مدلول اللّفظ اعتماداً على دليلٍ شرعي، والتأويل هو بيان اللّفظ اعتماداً على دليلٍ عقلي.
والبحث في تعيين مدلول كلمة التأويل، والمقارنة بينها وبين كلمة التفسير يتّسع - في الحقيقة - بقبول كلِّ هذه الوجوه حين يكون بحثاً اصطلاحياً يستهدف تحديد معنى مصطلحٍ معيّن لكلمة التأويل في علم التفسير؛ لأنّ كلّ تلك المعاني داخلة في نطاق حاجة المفسّر، فيمكنه أن يصطلح على التعبير عن أي واحدٍ منها بكلمة التأويل لكي يشير إلى مجالٍ خاصٍّ أو درجة معينّة من الدليل، ولا حرج عليه في