3%

فقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثلاً:

(يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزّ وجلّ ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ... ) ) (1) .

فقد استشهد الإمام (عليه السلام) بهذه الآية في مقام استنباط حكمٍ شرعيٍّ من قاعدةٍ كلّيّةٍ وهي قاعدة (لا حرج).

وقد علّم الإمام (عليه السلام) السائل كيف يستنبط هذا (الحكم) من تلك (القاعدة) الكلّيّة.

وهذا معناه أنّ الآية المباركة: ( ... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ... ) يمكن أن يفهمها هذا الإنسان وبشكلٍ مباشرٍ، ممّا يدل على صحّة فهم المعنى من النص القرآني مباشرةً، وإن اعتمد على جهد الباحث.

وخلاصة القول: أنّ (التفسير بالرأي) المنهي عنه قد يشتمل على أحد الاحتمالات الثلاثة المذكورة سابقاً، وليس لهذا علاقة بقضية التدبّر في القرآن وفهم معانيه، والتي تؤدّي بالإنسان إلى الهداية وإلى الصراط المستقيم (2) ، الأمر الذي أمر القرآن الكريم نفسه بهذا التدبّر، كما قرأناه في الآيات السابقة.

المُفَسِّر (*) :

الشروط التي يجب توفّرها في المفسِّر:

والتفسير بوصفه علماً تتوقّف ممارسته على شروطٍ كثيرةٍ لا يمكن بدونها أن

________________________

(1) وسائل الشيعة 1: 327 الباب 39 من أبواب الطهارة الحديث 5 (الحج: 78).

(2) لا يعني هذا الكلام الاستغناء عن أحاديث النبي وأهل البيت التي وردت في التفسير، حيث يمكن أن تشكّل تلك الأحاديث قرينةً منفصلةً شأنها في ذلك شأن القرائن الأُخرى، ولا بُدّ من معرفتها ليمكن فهم القرآن بشكلٍ كاملٍ، ولكن لا يعني ذلك أيضاً أنّنا لا يمكن أن نفهم القرآن إلاّ من خلال الرواية.

(*) كتبه الشهيد الصدر.