3%

فقال عمر: صدقت.

فهذه الوقائع تدل على أن بعض الصحابة كثيراً ما كانوا لا يفهمون القرآن بصورةٍ تلقائية، ويحتاجون في فهمه إلى السؤال، والبحث، إمّا لعدم الاطّلاع على المدلول اللُّغوي للكلمة كما في القسم الأوّل، أو لعدم الارتفاع فكريّاً إلى مستوى أغراض القرآن ومعانيه كما في القسم الثاني، أو للنظرة التجزيئية التي ورّطت قدامة بن مظعون في فهمٍ خاطئٍ للآية الكريمة كما في القسم الثالث.

ويمكننا أن نضيف إلى ما تقدّم نقطةً أُخرى أيضاً وهي: أنّ الآية قد تكون من الناحية اللُّغوية في مستوى معلومات الشخص، ولكنّه يبقى مع ذلك - عند محاولة استيعاب المعنى - بحاجةٍ إلى البحث والسؤال لتعيين المصداق الذي يتجسّد فيه مدلول اللّفظة، ففي قوله تعالى: ( وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) (1) من الطبيعي أن يعرف الصحابة جميعاً - بحكم نشأتهم العربية - معنى كلمة (ليال) ومعنى كلمة (عشر)، ولكن يبقى بعد ذلك أن يعرفوا المصداق، وما هي الليالي العشر التي عناها الله تعالى؟

وكذلك الأمر في قوله تعالى: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ) (2) ( وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً ) (3) فالمعرفة باللُّغة وحدها لا تكفي في هذه المجالات.

وهكذا نستنتج أنّ المسلمين في عصر الرسول (صلّى الله عليه وآله) لم يكن الفهم التفصيلي للقرآن ميسّراً لهم على وجه العموم، بل كانوا في كثيرٍ من الأحيان بحاجةٍ إلى السؤال والبحث والاستيضاح لفهم النص القرآني.

دور الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) في التفسير:

وكان من الطبيعي أن يقوم الرسول الأعظم بدور الرائد في التفسير، فكان هو

________________________

(1) الفجر: 1 و 2.

(2) العاديات: 1.

(3) الذاريات: 1.