3%

صور الوحي:

ويبدو من القرآن الكريم أنّ الوحي هذا الاتصال الغيبي الخفي بين الله وأصفيائه، له صور ثلاث:

الأُولى:

إلقاء المعنى في قلب النبي، أو نفثه في روعه بصورة يحسُّ بأنّه تلقّاه من الله تعالى.

والثانية:

تكليم النبي من وراء حجاب، كما نادى الله موسى من وراء الشجرة (1) وسمع نداءه.

والثالثة:

هي التي متى أُطلقت انصرفت إلى ما يفهمه المتدّين عادةً من لفظة الإيحاء، حين يلقي ملك الوحي المُرسَل من الله إلى نبيٍّ من الأنبياء ما كُلّف إلقاؤه إليه، سواء أُنزل عليه في صورة رجلٍ أم في صورته الملكية، وقد أُشير إلى هذه الصور الثلاث في قوله تعالى:

( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) (2) .

وتدل الروايات على أنّ الوحي الذي تلقى عن طريقه الرسالة الخاتمة وآيات القرآن المجيد، كان بتوسيط المَلَك في كثيرٍ من الأحيان، وبمخاطبة الله لعبده ورسوله من دون واسطةٍ في بعض الأحيان، وكان لهذه الصورة من الوحي التي يستمع فيها النبي إلى خطاب الله من دون واسطة أثرها الكبير عليه؛ ففي الحديث أنّ الإمام الصادق سُئل عن الغشية التي كانت تأخذ النبي أكانت عند هبوط جبرئيل؟

فقال: (لا وإنّما ذلك عند مخاطبة الله عزّ وجلّ إيّاه بغير ترجمان وواسطة).

________________________

(1) المقصود من وراء الشجرة، أنّ الكلام سُمع من الشجرة وما حولها.

(2) الشورى: 51.