المسلمين، بعد أن كانوا يفهمون القرآن فهماً ساذجاً وفي مستوى الخبرة العامّة المتوفّرة لديهم حينذاك (1) .
وفي ضوء معرفتنا لطبيعة هذه المرحلة يمكن أن نتعرّف أيضاً على المصادر التي كانت تعتمد عليها المرحلة في معرفة مدلول النص القرآني، والأدوات التي كانت تستعملها لمواجهة المشكلة اللُّغوية والتاريخية؛ ويمكن أن نلخّص هذه المصادر بالأُمور التالية:
أ - (القرآن الكريم نفسه)؛ لأنّ القرآن الكريم بحكم طريقة نزوله، والأهداف التي كان يتوخّاها من وراء هذه الطريقة التدريجية جاء - في بعض الأحيان - مبيّناً لما قد أجمله سابقاً أو مقيّداً أو مخصّصاً لما كان مطلقاً أو عامّاً، أو ناسخاً لحكمٍ كان ثابتاً في وقتٍ سابق؛ وهذه الطريقة من القرآن الكريم تسمح لنا أن نستفيد من بعض الآيات القرآنية لنفهم بها بعض الآيات الأُخرى.
وقد سلك المفسِّرون هذا المنهج في طريقهم للتّعرف على المعاني القرآنية واكتشاف أسرارها، ويمكن أن نعتبر الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) - بما لدينا من شواهد - الرائد الأوّل لهذه الطريقة التي سار عليها بعض الصحابة من بعده، واتخذها بعض المفسِّرين منهجاً عامّاً لتفسير القرآن.
فقد روى عبد الله بن مسعود أنّه لمّا نزل قوله تعالى:
( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) (2) شقّ ذلك على أصحاب رسول الله
________________________
(1) يُراجع الإتقان 1: 115 - 142، ففي هذه الصفحات نجد أنّ جميع ما يُروى عن ابن عبّاس أو غيره يعيش هذه المشكلة.
(2) الأنعام: 82.