3%

نقد التفسير في عصر الصحابة والتابعين (*) :

يجدر بنا - ونحن نريد أن نمحّص نتاج هذه المرحلة التفسيرية - أن نستذكر حصيلة أبحاثنا السابقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالمحتوى الداخلي لرجال المرحلة من الصحابة والتابعين؛ ذلك لأنّ المعرفة التفسيريّة تتأثّر - بطبيعة الحال - بخصائص هذا المحتوى ومقوّماته؛ لأنّها عطاؤه وتناجه.

وعندما نريد أن نتعرّف على هذا المحتوى نقسّمه إلى جانبين رئيسين:

الأوّل:

الجانب الفكري، ونعني به: مقدار الثقافة الإسلامية التي كان يتمتّع بها الصحابة، وما يستلزم ذلك من وعيٍ وشعورٍ بالمسؤولية تجاه الثقافة ومعرفة الأساليب لحمايتها.

الثاني:

الجانب الروحي، ونعني به: درجة التفاعل مع الثقافة الإسلامية، والامتزاج الروحي والوجداني بها، ومدى الإيمان بصحّتها والإخلاص لها.

________________________

(*) حينما ندرس التفسير في عصر الصحابة والتابعين لا يفوتنا أن نؤكّد أمرين، منعاً لما يمكن أن يقع فيه بعض القرّاء من الالتباس:

1 - إنّنا ندرس الصحابة على أساس المستوى العام الذي كان يتمتّع به هؤلاء الرجال، والذي كان يمثّل روح ذلك العصر من ناحيةٍ فكريّةٍ واجتماعية، وهذا لا يعني وجود بعض الرجال من الصحابة والتابعين، ممّن كانوا على درجاتٍ متفاوتةٍ وعاليةٍ من الوعي والإخلاص والعلم.

2 - لا يمكننا - بالرّغم من كلّ نقاط الضعف التي أُصيبت بها المعرفة التفسيريّة في عصر الصحابة والتابعين - أن ننكر عظيم الخدمات التي قام بها هؤلاء الرجال والعطاء الذي وهبوه للمعرفة التفسيريّة، الشيء الذي كان موضع استلهام كثير من المدارس التفسيرية حتّى عصرنا الحاضر.