وأحرفاً وتصريفاً، فمن زعم أنّ الكتاب مبهمٌ فقد هلك وأهلك... ) (1) .
الإحاطة الكاملة بجميع ظروف النص القرآني سواء على مستوى الأحداث والوقائع التي اقترن بها نزول النص القرآني وما يُسمّى بـ (أسباب النزول)، أو على مستوى العادات والتقاليد التي كان يعيشها المجتمع الجاهلي، خصوصاً في مكّة والمدينة، أو على مستوى الأوضاع السياسية والأخلاقية التي كان يعيشها المسلمون أنفسهم.
إذ من الواضح أنّ القرآن الكريم، في الوقت الذي يمثّل الكتاب الإلهي الذي جاء لتبيان رسالة الأُمّة الخاتمة، كذلك يمثّل الكتاب الذي استهدف تغيير الأُمّة التي نزل في أوساطها من الأُمّيّين وأبناء أُمّ القرى بشكلٍ مباشرٍ من أجل أن يخلق قاعدةً قويّةً ثابتةً قادرةً على تحمّل أعباء الرسالة ومسؤوليّة إبلاغها وإيصالها إلى الأمم والناس جميعاً (2) .
ولذلك نجد القرآن الكريم راعى الظروف والأوضاع السياسية والاجتماعية والنفسيّة والعادات والتقاليد التي كان يعيشها المجتمع الجاهلي، ولم يأت مجرداً عن كلِّ هذه الظروف؛ فهي بطبيعة الحال تُلقي بظلّها على فهم القرآن الكريم ومقاصده.
وفهمها ومعرفتها له دورٌ كبيرٌ في فهم القرآن وتفسيره.
إضافةً إلى أنّ فرز وتمييز المعاني أو الجوانب المرتبطة بالأحداث، خصوصاً عن غيرها من المفاهيم ذات الطبيعة الشمولية، تحتاج إلى هذه الإحاطة والاستيعاب الكامل لكلِّ هذه الظروف، وهذا ما يؤكِّده أهل البيت (عليهم السلام) في بعض الروايات
________________________
(1) وسائل الشيعة 18: 141 الحديث 39، 142 الحديث 40 و 42، وص 138 الحديث 31، وص 141 الحديث 38.
(2) أوضحنا هذه الفكرة في كتابنا: (الهدف من نزول القرآن الكريم).