ما أحدٌ ابتدع بدعةً إلاّ ترك بها سنّة)) (1) .
إنّ القرآن الكريم حيٌّ لا يموت، تجري أحكامه وأمثاله ومفاهيمه في جميع الأزمان والعصور؛ فهو وإن كان قد نزل في عصرٍ معيّنٍ، وعالج قضايا وأحداثاً خاصّةً، وتحدّث عن أشخاصٍ معيّنين ماضين أو معاصرين في القصص، أو أحداث نزول الرسالة وتطوّرها ممّا يرتبط بأسباب النزول، وبنى قاعدةً بشريّةً قويّةً من خلال هذه المعالجة تحمّلت أعباء الرسالة الإسلامية - كما أشرنا سابقاً - إلاّ أنّ القرآن - مع ذلك كلِّه - هو الكتاب الإلهي للرسالة الخاتمة، والمعجزة الخالدة للإسلام ونبيه الكريم، يتحدّث إلى جميع الناس في مختلف العصور والأزمان.
وفي هذا المجال توجد نظرةٌ شموليّةٌ يتميّز بها أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّه بالرّغم من أنّ أكثر علماء الإسلام ذهبوا إلى مبدأ: (إنّ العبرة بعموم اللّفظ لا بخصوص السبب) ومن ثمَّ فهم يرون أنّ خصوص السبب لا يتقيّد بخصوص الأحداث والوقائع التي تحدّث عنها أو نزل فيها؛ لأنّ جميع هذه القضايا إنّما جاء بها القرآن الكريم للعِبرة والهداية والموعظة، كما دلّت على ذلك الآيات الكريمة:
( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (2) .
( هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ) (3) .
( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً ) (4) .
________________________
(1) الكافي 1: 58 الحديث 19 راجع أيضاً الحديث 1 و 2 و 3.
(2) يوسف: 111.
(3) آل عمران: 138.
(4) الإسراء: 89.