تفصيلاً في السِوَر المكّيّة المتأخّرة أو السِوَر المدنيّة.
الرابع:
إنّ تكرار القصّة لم يأت في القرآن الكريم بشكلٍ يتطابق فيه نصّ القصّة مع نصٍّ آخر لها، وإنّما تختلف الموارد في بعض التفاصيل وطريقة العرض، وطريقة عرض القصّة القرآنية قد تستبطن مفهوماً دينيّاً يختلف عن المفهوم الديني الآخر الذي تستبطنه طريقة عرضٍ أُخرى، هذا الأمر الذي نسمّيه بالسياق القرآني، وهذا يقتضي التكرار أيضاً؛ لتحقيق هذا الغرض السياقي الذي يختلف عن الغرض السياقي الآخر لنفس القصّة، وسوف تتّضح معالم هذه النقاط بشكلٍ أكثر عند دراستنا التطبيقيّة التالية لقصّة موسى في القرآن الكريم.
وأمّا الظاهرة الثانية: فمن الملاحّظ أنّ القرآن الكريم تحدّث عن مجموعةٍ من الأنبياء يشتركون في خصوصيّة: أنّهم يعيشون جميعاً في منطقة الشرق الأوسط، أي المنطقة التي كان يتفاعل معها العرب الذين نزل القرآن في محيطهم ومجتمعهم.
وقد تُفسَّر هذه الظاهرة لأوّل وهْلةٍ بأنّ النبوّات لمّا كانت بالأصل في هذه المنطقة، ومن خلالها انتشر الهدى في جميع أنحاء العالم، حيث كانت البشرية تعيش في البداية بهذه المنطقة ولا يوجد في المناطق الأُخرى نبوّات وأنبياء، كما قد يُفهم ذلك من خلال الاستعراض التأريخي للنبوّات وتأريخ الإنسان في التوراة، وحينئذٍ لا تعني هذه الخصوصيّة ظاهرة تحتاج إلى تفسير، بل هي قضيّة فرضتها الحقيقة التأريخية ويكفي في تفسيرها هذا الواقع التأريخي.
ولكن توجد شواهد في القرآن الكريم تنفي هذا التفسير لهذه الظاهرة، فالقرآن يشير في بعض آياته إلى أنّ هناك مجموعة أُخرى من الأنبياء لم يتحدّث