ولكن يكون للبُعد الأوّل المتمثّل في التأثير الخاص أثره في تحقيق الهدف التغييري في خلق القاعدة التي تنطلق منها الرسالة.
نعم من الصحيح أن نقول أيضاً: إنّ أنبياء مثل: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى يمثّلون الأُصول العامّة للنبوّات في كلِّ العالم، وكان خاتمهم النبي محمّد (صلّى الله عليه وآله) يمثّل امتداداً لتلك النبوّات، ولكن نجد أنّ القرآن لم يتحدّث عن هذه الأُصول وتفرّعاتها فحسب، بل تحدّث عن أنبياء مثل: صالح وشعيب وهود ويونس وإدريس وغيرهم ممّن يمثّلون نبوّاتٍ ليست بهذا القدْر من الأهمّيّة على الظاهرة، والله هو العالم بحقائق الأُمور.
وأمّا الظاهرة الثالثة: فمِن الملاحَظ أنّ القرآن الكريم أكّد دور بعض الأنبياء في ذكر تفاصيل حياتهم وظروفهم أكثر من دور بعضهم الآخر، وبالخصوص النبي إبراهيم وموسى (عليهما السلام)، مع أنّ الخصائص العامّة التي يُراد منها بالأصل استنباط العِبْرة والموعظة واستخلاص القانون والسنّة التأريخية متشابهة، ولذا تأتي الإشارة إلى قصص ممنوعة من الأنبياء في كثير من الموارد في سياق واحد، فهل يعني هذا التأكيد أهمّيّة شخصيّة هذا النبي وفضله بالمقارنة مع بقيّة الأنبياء فقط؟
أو يمكن أن يكون وراء ذلك - إضافة إلى هذه الأهمّيّة - مقاصد وأهداف أُخرى اقتضت هذا الّلون من التأكيد؟
قد يكون في الحقيقة أنّ بعض هؤلاء الأنبياء أفضل من بعضهم الآخر كما أنّه قد يكون هذا (البعض) هو إبراهيم وموسى، ولكن لا يعني ذلك أن يؤكِّد القرآن دور هذين النبيّين مثلاً، أو غيرهما : كعيسى الذي جاء الحديث عنه بنسبةٍ أقل لمجرّد فضلهم؛ لأنّ القرآن بالأصل ليس بصدد تقييم عمل هؤلاء الأنبياء والحديث عن التفاضل بينهم، وإنّما الأهداف الأصليّة للقصّة التي أشرنا إليها وذكرها القرآن