3%

عمله ووصفه بأنّه غويٌّ مبين يريد توريطه وإحراجه، ثمّ لمّا ( أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا ) (موسى والإسرائيلي) ظنّ الإسرائيلي أنّ موسى يقصد البطش به لا بالفرعوني، فقال لموسى:

( أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ )

وبذلك كشف الإسرائيلي عن هويّة قاتل الفرعوني الأوّل، وفضح قتل موسى له، فعمل الملأ - وهمّ عليَّة القوم - على قتله بدم الفرعوني.

( وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ) وأعاليها يُخبر موسى بالأمر، يقول له: ( إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ) وطلب منه المبادرة إلى الخروج والهروب من الفرعونيين.

فخرج موسى من المدينة خائفاً يترقّب أن يوافيه الطلب أو تصل إليه أيدي الفرعونيّين فدعا ربّه أن ينجيه من القوم الظالمين (1) .

موسى في أرض مَدْين:

وانتهى السير بموسى إلى أرض مدين فلمّا وصلها أحسَّ بالأمن وانتعش الأمل في نفسه فقال:

( عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ* وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ ) وهم: الرعاة يسقون

( وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ ) في حيرة من أمرهما تذودان الأغنام وتجمعانها ولا تسقيان، فأخذه العطف عليهما فقال لهما:

( مَا خَطْبُكُمَا ) ولماذا لا تسقيان؟

قالتا له: ( لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء ) وينتهوا من السقي؛ لأنّنا امرأتان ( وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ) لا يتمكّن من القيام بهذه المهمّة الشاقّة.

فتولّى موسى عنهما هذه المهمّة، فسقى لهما، ثمّ انصرف إلى ناحية الظل، وهو يشكو ألم الجوع والغربة والوحدة فقال:

( رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) .

________________________

(1) القصص: 15 - 21، وطه: 40.